مدينة سولو مدينة ساحلية بعيدة، يقتات أهلها البسيطين من الصيد وبيع السمك . وكحالة عائلات في هذه المدينة كانت عائلة عامر تعيش على الصيد وبيع السمك لرجل ثري في العاصمة.
ذات يوم بعد عودة والد عامر من العاصمة دخل البيت وفي يده ما اصطاد من السمك فقابله ولده عامر قائلا:
- مساء الخير يا أبي، ما الأمر لم لم تبيع السمك؟
- السيد خليل رفض أخذه، لأنه صيد منذ خمس ساعات
- يا له من رجل ظالم إلي يقدر تعبك في صيده والعناء الذي تكبدته للوصول إلى العاصمة؟
- لا تقلق يا بني، لأن الله هو الرازق
وفجأة..........سقط الأب متألما على الأرض وأصيب عامر بالفزع، وأسرع إلى أمه يخبرها بما حدث وطلب من أخته الاتصال بالطبيب.
أسرعت نور لتتصل بطبيب كامل وما هي إلا دقائق حتى وصل وباشر في معاينته السيد أبا عامر وبعد قليل خرج الطبيب وقد بدا عليه الحزن فسأله عامر بقلق:
- ما الأمر يا دكتور؟
هز الطبيب رأسه بأسى ثم قال:
- لا فائدة ،لقد رحل السيد جاسر
أظلمت السماء وتلبدت بالغيوم الممطرة وبدت ذات سواد قاتم في عيون عامر ولا نور بعدها
وبعد تشييع الجثمان وانتهاء العزاء جلس عامر إلى جانب فراش والدته المريضة وقد بدا عليه الشرود فسألته أمه:
- ما بك يا بني؟
- أفكر ، كيف سنعيش بعد وفات أبي ؟ ماذا سيأتي بعد هذه السماء المظلمة اشعر إن الحياة اسودت تماما في نظري ولا نور فيها، أنت مريضة وتحتاجين للعلاج ونور ورؤى وألاء ما زلن صغيرات ويحتاج لرعاية والاهتمام.
- أتت نور وقالت:
- - آسفة لكن سمعت حديثكما عن غير قصد.
- إلام: تعالي يا ابنتي
- عامر:تفضل يا عزيزتي
- دخلت وقالت:
- - أنت تعتقد إن صغيرة لكن إنا سأكمل الثالثة عشر واستطيع إن احمل معك الهم
- إلام: نعم يا بني فأنت لم تكمل الخامسة عشر حتى تحمل هذا الهم لوحدك
- عامر: لا تهتموا سأتدبر أمري ، غدا سأبحث عن عمل وساترك المدرسة.
- قالت الاثنتان بدهشة: ماذا ماذا تعني؟
- ساترك المدرسة
- إلام:لا يا بني لا تفعل
- لماذا لا يوجد حل سو ترك المدرسة
- إياك إن تفعل إياك إن تترك المدرسة أنت من المتفوقين و لك مستقبل عظيم إذا أنت تركت المدرسة فلغير مجتهد ماذا يفعل ؟ بني العلم سلاح يحميك من غدر الزمان والعلم هو أهم شيء يحصل عليه الإنسان في حياته الم تسمع بقول اقرأ وارتقي ،بني انقش هذه الكلام في ذاكرتك وعقلك وقلبك بالعلم والعمل نصنع المستقبل وبالعلم نصعد سلم النجاح وإياك إن تتخلى عن العلم فهو أملنا في حياة أفضل وتوكل على الله وستجد مخرجا ولكن إياك إن تترك نور الحياة
- لكن........
- لا أريد سماع لكن، وبعد العودة من المدرسة اذهب وابحث عن عمل وتوكل على الله ومؤكد ستفرج
ناما وفي اليوم التالي ذهب للبحث عن عمل بعد المدرسة، مضت الأيام وهو على ذات الحال ويذهب للمدرسة صباحا وبعدها يذهب للبحث عن عمل جلس وقد يأس من يجد عمل أتت نور وقال:
- ماذا حصل معك؟
- لا احد يريد عامل مثلي
- لماذا
- هناك من يقول (لا أريد عمالا)وأخر(عمل ودراسة لا يتفقان)وأخر أنت صغير السن ولا تنفع)والخ...........لقد سئمت
- لا تايئس وابقي املك بالله كبير وسيفرجها بإذن الله
- مضى شهر على وفت جاسر وانتهت الأموال التي في المنزل وبدا الطعام بالانتهاء وأصبح لا يكفي وأمه اقترب دوائها على الانتهاء جلس ونظر لسماء وكانت مظلمة والغيوم غطتها أتت نور وقالت:
- أخي
- نور تفضل
- لم كل هذا الحزن ؟ لم يفت ألوان بعد
- لقد يئست وسئمت وتعبت
- لا لا تقل هذا، وثم أتعلم ماذا يأتي ما بعد سماء مظلمة
- ما بعد سماء مظلمة سو ظلام اكبر
نظرت من النافذة وقالت:
- تعال سأريك
- ماذا؟
- تعال
أخذته وخرج لحديقة المنزل جلس وقالت:
- انظر خلفك
نظر وأذبها الشمس أشرقت والغيوم ذهبت وكان المنظر رائع فأردفت نور قائلة:
هذا الذي يأتي بعد سماء مظلمة
- كيف ذهب عن خاطري هذا؟
- اجل يا أخي ما بعد سماء مظلمة سو صباح مشرق توكل على الله والله لن ينسى احد اسعي وستجد الحل
وبعد عدة أيام قرر عامر الذهاب إلى السيد خليل لعل قلبه يرق ويساعدهم إكراما لما كان بينه وبن والده، وصل بعد عناء طويل إلى شركة السيد خليل نظر إليها وقال مخاطبا نفسه:
- مؤكد من معه هذا المال لن يبخل علينا يبعضه
دخل الشركة ووصل مكتب السيد خليل وطرق الباب:
- تفضل
دخل ونظر إليه السيد خليل نظرة استهزاء وسخرية ثم قال:
- ماذا تريد إيه الطفل المشرد؟
- إنا عامر ابن السيد جاسر لقد توفي أبي قبل شهر ولم يترك لنا أي باب رزق واتيت إليك متأملا بكرمك وحسن أخلاقك وبما كان بينك وبين أبي أرجو منك المساعدة
ضحك وقال بسخرية :
- بيني وبين والدك ، لم يكن بيني وبين جاسر أي شيء سو إني كنت اشتري منه السمك الرديء الذي لا ينفع لشيء ورأفتا بقططي أخذها منه
ترقرقت الدموع في عينان عامر ثم قال:
- لك كل هذا المال تصدق علينا بقليل منه وسيجازيك الله
- اخرج من مكتبي ولا تعود إلى هنا بعد اليوم أبدا، قال والده قال
خرج عامر مكسور الخاطر مجروحة مشاعره وقد اختفى كل ما هو جميل في حياته ورأى الحياة سوداء أكثر من أي وقت مضى ،خرج ونظر حوله ثم سار وجبل كبير فوق ظهره رأى احد محلات العاصمة وكتب عليها مطلوب عامل دخل سأله عن العمل فقال له الرجل:
- اقبل أن تعمل
فرح عامرفاردف الرجل :
- لكن بشرط
- عامر: ما هو
- إن تترك المدرسة فمثلما تعلم مدرسة عمل لن ينفعان
- بعد غدا سأعود
وصل المنزل دخل ورسم على وجهه ابتسامة اصطناعية قابلته نور وقالت:
- طمني هل وجدت حل؟
- اجل الحمد لله فرجت
- وذهب لغرفته وفي اليوم التالي انطلق للمدرسة وهو مصر على قراره دخل الغرفة الصفية ،جلس وكان عنده امتحان رياضيات أنتها الامتحان وسلموا الورق جلس المعلم رامي وبدا بتصحيحي الأوراق وحين وصل لورقة عامر وجدها فارغة ولم يكتب عليها سو اسمه دهش رامي وبشدة وطلب عامر أتي وقال:
- عامر أهلا
دخل وجلس ثم أردف رامي وقال:
- اعتدت على إن أراك من المتفوقين والأوائل واليوم اصدم بورقتك الفارغة، وهل يمكنني أن اعلم السبب ؟
انزل عامر رأسه ونظر للأرض ثم قال بصوت حزين:
- ساترك المدرسة
قال رامي بدهشة:
- ماذا؟ ما هذا الكلام ؟ انك من أروع طلاب المدرسة كيف ستتركها؟
- الحاجة يا أستاذ
- حاجتك لماذا؟
- لقد توفي والدي كما تعلم ولم يعد لنا باب رزق ولا حل سوا ترك المدرسة والعمل
- لألا تفعل أي حل غير ترك المدرسة خذ هذه النقود واصرف منها وسأبحث عن حل وساجد لك أن شاء الله
- لكن.....
- لا أريد سماع لكن هيا اذهب وادرس لامتحان غدا
خرج وهو سعيد وفي ذات الوقت حزين، وذهب إلى الشاطئ وجلس هناك ليتذكر والده وإثناء ذلك رأى رجل جالس والحزن بدا عليه اقترب منه وقال:
- يا عم ما بك؟ هل استطيع مساعدتك؟
- لقد كسرت سنار ولا املك النقود لشراء صنارة جديدة وهي مصدر رزقي الوحيد
نظر عامر لنقود التي معه ثم قال:
- خذ يا عم واشتري لك سنارتي
- لكن يا بني أرى انك تحتاج هذا المال أكثر مني
- لا تقلق سيفرجها الله علي الله وأنت اقبل مني هدية وتوكل على الله
- أشكرك يا بني جزاك الله كل خير وأدخلك الجنة
- شكرا لك يا عم
ذهب عامر والفرح يغمر قلبه وصل المنزل ودخل رأى نور وقال:
- مساء الخير
- مساء النور ،أراك سعيد خيرا إن شاء الله؟
- لا شي يا عزيزتي، أمي كيف حالها؟
- الحمد لله
- وأنت ورؤى وألاء ما حالكم وحال الدراسة؟
- الحمد لله بخير وبصحة وعافية
- دخل الغرفة وبدا بدراسة لامتحان الرياضيات
وفي اليوم التالي ذهب عامر للمدرسة ورآه المعلم رامي وقال:
- عامر
- معلمي صباح الخير
- صباح النور هل أنت مستعد لتقديم امتحان الرياضيات
- نعم
- هيا إذا
ذهبا وقدم الامتحان وكعادته حصل أعلى العلامات، جلس رامي عند المدير وشرح له حالت عامر وقبل إن ينهي كلامه، دخل رجل طويل القامة وبشوش الوجه دخل وقال:
- صباح الخير
- المدير:صباح النور
- الرجل:منذ عدة أيام دخلت ابنتي المستشفى وقطعت عهدا على نفسي إذا شفيت إن اكفل يتيما وأعطه كل ما يحتاج من مصاريف أرشدوني لهذه المدرسة وساجد فيها من يحتاج
- المدير: لا اعلم
- رامي: نعم هناك إيه الرجل الطيب
- الرجل:حقا؟
- رامي: اجل
- واخبره قصة عامر فقال الرجل: أريد رؤيته
قابل الرجل وتكلما وابهره عامر بكلامه عن العلم ولأصبر والأمل بان فرج الله قريب فقال الرجل:
- منذ اليوم إن احتجت شيء فلا تتردد في طلبه مني
فرح عامر وعاد للمنزل دخل على أمه وكانت إخوته عندها نظر إليهم وقال:
- مساء الخير
- نور: مساء النور
- الحمد لله لقد فرجت بعد اليوم لن نحتاج شي فالحمد لله لقد فرجت
- إلام: ماذا تعلمت يأبني
- ماذا تعلمت من هذه التجربة؟
- توكل على الله ولا تيأس وتأكدت إنا ما بعد سماء مظلمة سو صباحا مشرق
بقلم
ازهار مصطفى
بتمنى تعطوني رايكم بصراحة
عدل سابقا من قبل هالة القمر في الخميس أكتوبر 20, 2011 1:51 pm عدل 1 مرات