[ هل يموت الذي كان يحيا
كأن الحياة أبد
وكأن الشراب نفد
و كأن البنات الجميلات يمشين فوق الزبد
عاش منتصباً، بينما
ينحني القلب يبحث عما فقد. ]
أمل دنقل
…
- ما الذي جاء بك؟
- لا أعلم …
- لماذا غبت كل هذه المدة؟
- مممممم لا أعلم …
- لا تعلم! لا تعلم! من يعلم؟!
- ممممم لست متأكدًا، ولكنني مررتُ بأزمة نفسيّة.
- سبحان الله! أزمة نفسية؟! وهل تدينتَ أيضًا؟!
عملتُ عملية جراحيّة لقلبي خوفًا عليه من أن يهرمَ، عملتها بنفسي، شققت صدري ونزعتُ قلبي من مكانه، وغسلتُه بدمعٍ كثيف الملوحة، ثم جففتهُ بمجفف شعر نسيته حبيبتي السابقة في صورتها التي نسيتُ أن أحذفها، وبعد ذلكَ بخّرته ببخورٍ أهدانيه أبي قبل أن أسافر … ولكنني صُدمتُ حين صدقت ظنوني القديمة، مات قلبي سريريًّا قبل هذه العملية، هو ينبض ويضخ الدم إلى باقي أطرافي، ولكنه ينبض بدون صوتٍ ويضخّ دمًا فاسدًا كالقهوة، ينشر التوتر ولا يوقظني.
- لقد أحببتُ رجلاً جديدًا في غيابك…
- قلتِ يومًا إنك لن تحبي غيري…
- أنتَ هربتَ قبلها ونقضتَ عهدك…
- هذا طبعي، وليس هذا طبعك.
- تخاطبني وكأنني أنا المخطئة!
لم أعدْ لأعتذرَ، فقد سئمتُ من ترديد كلمة "آسف"، وسئمتُ من أن أعتذرَ عن كل نصلٍ استوطنَ قلبي، وسئمتُ من ضرب خدي ولومِ نفسي لخطايا لم ترتكبْها يداي… ولم أعدْ لتعتذري، مللتُ انتظارَ المستحيل وتضييع وقتي في الأحلام… ولم أعُدْ لأنني أحبك أو لأفتش عن بقايا حبكِ لي، إنما جئتُ لأصفعكِ صفعةً أخيرة.
- لم أعدْ أحترمكِ أبدًا.
- (نشيج)
- والله أحتقرك.
- ليش طيّب؟
- هه. لأنك لا تختلفين عنهنّ في شيء، هذا هو السبب.
ما هو الحقيقي في هذا الافتراض، وما هو الافتراضي في الحقيقة؟ مرضكِ القاتل الذي غيّركِ عليّ وحدي؟ أم زوجكِ الذي لم يحضر ليلةَ عرسِك؟ أم حبيبك الوحيد الذي ماتَ عندما غيرتِ اسمه؟ أم أبوك الشاعر؟ أم أمك الأسطورة؟
هل كنتُ أنا الافتراضي في هذا كله؟ هل يجب عليّ أن أعتذرَ أن تركتكِ لأنقذ قلبي؟ هل أعتذرُ لأنني أردت أن أعيدَ قلبي إلى رشدهِ ويرتدَّ بصيرًا؟
صحيح أنني لم أفلحْ في سعيي، ولكنْ لا حاجة لي بالاعتذار.
- أريدُ أن أخاطبَ صاحبَك ليبعدَك عني.
- وهل أنا قريبٌ منكِ؟
- أنتَ تلاحقني في أحلامي!
- هل تنامين؟
- أنامُ في غرفة أبي.
- وأبوك؟
- ينام في الصالة…
- ألم يمُتْ أبوكِ مع الموتى؟
سألتني امرأة طيّبة عن الألم فأجبتها أنني أضربُ مصدرُه بقبضة من حديدٍ ونار، حتى إذا قضى نحبه، أفرغتُ عليهِ قِطرًا، فما استطاعت امرأة له نقبًا!
أبدًا! لا يكون ذلكَ دكّاء أبدًا!
ــــــــــــــــــــــــ
حدثتني امرأة طيّبة فقالت: [ قلبكَ هو مصدرُ الألم، لم يمت، والله لم يمتْ قلبك بعد، لا تبحث عن حبيبة قديمةٍ في مذكراتك، بل ابحث عن قلبِك الذي أخطأته في عمليتك، الذي أخطأته حين ضربتَ غيره ضربة مقتدرٍ، أخطأتَ قلبك، فابحث عنهُ في غرفةٍ ظلماء حيث لا تراك العيون، عنده يبدو قلبك وحده، وعندها أخرجه من موضعه، واغسله هذه المرة بالماء والثلج والبرد يا صديقي، قد تصيبك الحمّى وقد يخطّ على وجنتيك خطانِ أسودان، فلا تجزع ولا تهلع.
بل أعدْ قلبك إلى موضعه، أحْيِ الطفلَ والجهلَ القديم.
ستسمع نبضه وسترى حياةً جديدةً تدخل من النوافذ والأبواب وستحس بريحٍ طيّبة تدغدغ أطرافك… وإن لم تسمع نبضَ قلبكَ، فنظف أذنك…
فأنا بدأت أسمعه … أجل يا صديقي، بدأتُ أسمع قلبكَ الآن ]
كأن الحياة أبد
وكأن الشراب نفد
و كأن البنات الجميلات يمشين فوق الزبد
عاش منتصباً، بينما
ينحني القلب يبحث عما فقد. ]
أمل دنقل
…
- ما الذي جاء بك؟
- لا أعلم …
- لماذا غبت كل هذه المدة؟
- مممممم لا أعلم …
- لا تعلم! لا تعلم! من يعلم؟!
- ممممم لست متأكدًا، ولكنني مررتُ بأزمة نفسيّة.
- سبحان الله! أزمة نفسية؟! وهل تدينتَ أيضًا؟!
عملتُ عملية جراحيّة لقلبي خوفًا عليه من أن يهرمَ، عملتها بنفسي، شققت صدري ونزعتُ قلبي من مكانه، وغسلتُه بدمعٍ كثيف الملوحة، ثم جففتهُ بمجفف شعر نسيته حبيبتي السابقة في صورتها التي نسيتُ أن أحذفها، وبعد ذلكَ بخّرته ببخورٍ أهدانيه أبي قبل أن أسافر … ولكنني صُدمتُ حين صدقت ظنوني القديمة، مات قلبي سريريًّا قبل هذه العملية، هو ينبض ويضخ الدم إلى باقي أطرافي، ولكنه ينبض بدون صوتٍ ويضخّ دمًا فاسدًا كالقهوة، ينشر التوتر ولا يوقظني.
- لقد أحببتُ رجلاً جديدًا في غيابك…
- قلتِ يومًا إنك لن تحبي غيري…
- أنتَ هربتَ قبلها ونقضتَ عهدك…
- هذا طبعي، وليس هذا طبعك.
- تخاطبني وكأنني أنا المخطئة!
لم أعدْ لأعتذرَ، فقد سئمتُ من ترديد كلمة "آسف"، وسئمتُ من أن أعتذرَ عن كل نصلٍ استوطنَ قلبي، وسئمتُ من ضرب خدي ولومِ نفسي لخطايا لم ترتكبْها يداي… ولم أعدْ لتعتذري، مللتُ انتظارَ المستحيل وتضييع وقتي في الأحلام… ولم أعُدْ لأنني أحبك أو لأفتش عن بقايا حبكِ لي، إنما جئتُ لأصفعكِ صفعةً أخيرة.
- لم أعدْ أحترمكِ أبدًا.
- (نشيج)
- والله أحتقرك.
- ليش طيّب؟
- هه. لأنك لا تختلفين عنهنّ في شيء، هذا هو السبب.
ما هو الحقيقي في هذا الافتراض، وما هو الافتراضي في الحقيقة؟ مرضكِ القاتل الذي غيّركِ عليّ وحدي؟ أم زوجكِ الذي لم يحضر ليلةَ عرسِك؟ أم حبيبك الوحيد الذي ماتَ عندما غيرتِ اسمه؟ أم أبوك الشاعر؟ أم أمك الأسطورة؟
هل كنتُ أنا الافتراضي في هذا كله؟ هل يجب عليّ أن أعتذرَ أن تركتكِ لأنقذ قلبي؟ هل أعتذرُ لأنني أردت أن أعيدَ قلبي إلى رشدهِ ويرتدَّ بصيرًا؟
صحيح أنني لم أفلحْ في سعيي، ولكنْ لا حاجة لي بالاعتذار.
- أريدُ أن أخاطبَ صاحبَك ليبعدَك عني.
- وهل أنا قريبٌ منكِ؟
- أنتَ تلاحقني في أحلامي!
- هل تنامين؟
- أنامُ في غرفة أبي.
- وأبوك؟
- ينام في الصالة…
- ألم يمُتْ أبوكِ مع الموتى؟
سألتني امرأة طيّبة عن الألم فأجبتها أنني أضربُ مصدرُه بقبضة من حديدٍ ونار، حتى إذا قضى نحبه، أفرغتُ عليهِ قِطرًا، فما استطاعت امرأة له نقبًا!
أبدًا! لا يكون ذلكَ دكّاء أبدًا!
ــــــــــــــــــــــــ
حدثتني امرأة طيّبة فقالت: [ قلبكَ هو مصدرُ الألم، لم يمت، والله لم يمتْ قلبك بعد، لا تبحث عن حبيبة قديمةٍ في مذكراتك، بل ابحث عن قلبِك الذي أخطأته في عمليتك، الذي أخطأته حين ضربتَ غيره ضربة مقتدرٍ، أخطأتَ قلبك، فابحث عنهُ في غرفةٍ ظلماء حيث لا تراك العيون، عنده يبدو قلبك وحده، وعندها أخرجه من موضعه، واغسله هذه المرة بالماء والثلج والبرد يا صديقي، قد تصيبك الحمّى وقد يخطّ على وجنتيك خطانِ أسودان، فلا تجزع ولا تهلع.
بل أعدْ قلبك إلى موضعه، أحْيِ الطفلَ والجهلَ القديم.
ستسمع نبضه وسترى حياةً جديدةً تدخل من النوافذ والأبواب وستحس بريحٍ طيّبة تدغدغ أطرافك… وإن لم تسمع نبضَ قلبكَ، فنظف أذنك…
فأنا بدأت أسمعه … أجل يا صديقي، بدأتُ أسمع قلبكَ الآن ]