بعد أن أنهى إنشاد شعره وعزفه على الناي حتى نظر نحو النافذة لتي تقابله، شاهد ظل فتاة حسناء يتدفق الحزن من عينيها مع كل نظرة .
فتحت الحسناء نافذتها،دون أن يخرج أي صوت منها، فعرف أن النافذة كانت مشقوقة، وعزفه يتسرب إلى أذنيها.
جلس تحت شجرة التفاح التي كان يسند ظهره إليها، و أمسك الناي ليبدأ عزف ألحانه و إنشاد قصيدة تمسح غبار الحزن عن قلبها أو تهذبه .
وقع الناي من يديه بمجرد أن أولته نظرات عينيها باهتمام ، فوجد نفسه يتحدث معها مبرراً وقوفه بجانب شجرة التفاح .
- أنا عازف أهاجر إلى أي مكان،حيث الاستقرار بلا طعم؛ علَّني أتعثر بعش يلم حطامي وألحان قيثارتي.
- أيها العازف الشاعر الساحر اصنع بيديك عشك، أتقنه، انسجه من خيوط القمر، ولباب البشر، وفتات السحر، ونم هناك وقل: "ذلك عشي ومهجري. فدعيني يا طيور واسرحي".
- ما أجمل كلامك أيتها الحسناء ! ليت عيني بحيرة تسبح فيهما الحوريات من أمثالك ؛ لدعوتك للسباحة فيهما حالا .
- لكني أخشى غرقاً لا يليق بعيون عازف وشاعر مثلك!!
- أنتِ حورية ،و الحوريات لا تعرف معنى الغرق بل النوم على صخور الحب، ومداعبة قطرات ماء البحر .
- إن قطرات الماء التي تضرب صخور البحر تلك، لها مفعول إزميل حديدي، فهي تثقب الصخر ليس ذلك بالقوة إنما بالتواصل.
- أرى في عينيك مهرة أصيلة تحب الهرب،والوثب فوق الأزهار، ومطاردة قمم الجبال الهاربة من قسوة الأرض .فمن يسجنك في هذا البيت ؟
- حقاً ما أنا سوى مهرة سجينة تتمنى أن تركض في سهول الشعر، وتغادر الكوابيس الحبيسة بين شفاه تاجر فظ اشترى روحي مثل عربة خيول .
- لهذا لا أطيق الناس، أحب السفر هروباً من سجن، أي مكان يعيش فيه الإنسان.
- يا نورس الغيوم هل في وقتك متسع لي ؟ فأنا البجعة المجنونة بالشعر والحكايات المقهورة في زمن لا يعترف بنشيد الحوريات ،فتعال كل صباح مثل هذه العصافير، و اسمعني من كلامك الساحر .
- أنا لا أعيش في مكان ما أكثر من يوم ،ولا أعود إلى مكان زرته من قبل؛ فلا أعرف في هذا العالم سوى فوهة الناي الذي ترين،أنا أعيش في عوالم عزفي وشعري التي تغنيها رياح السفر ، فشاهدت بريق عينيك يأتيني من وراء الزجاج ، فأحببت طرح عزف اللحن الأخير عليك لا أكثر .
- أيها النورس القادم من وراء الأحلام ألا تبني لي عشاً من الكلمات ؟ لا يفقس من بيضه سوى طيور شعرية محروسة بتعويذة القوافي ، هلاّ داعبت بأقدامك رمال شاطئي .
- سأعاني طويلاً متأثراً بكلماتك أيتها القديسة، يا صانعة عطر الكلمات، أعدك بأنّي سأرسل كلماتي كل صباح مع أنفاس الطبيعة،والآن أَسمعيني أنت من شِعرك المسجون في قلاع النفي وضعيه في روحي لأحمله غذاء لوحدتي.
- عندما ترحل على جناح فراشة وأنت في منزلك.
و تسافر على كلمة حب
تأخذك إلى بقاع العشق المقدسة
و تتحول كل أحلامك إلى خيول برية لا تقبل التهجين
.. عندما تغفوا على زبدة النوم وترسم لوحات أحلامك
اعلم أنك في حالة عشق أبدية……
- ما أنا يا قديستي سوى طالب للنسك في كنيسة قلبك والصلب على صدرك لأنال الخلاص.
- ..أأدعوك وأنا أعلم أنّ دعائي مستحيل؟ أأطلبك وأنا قابعة تحت ظلال الشهبندر؟
علَّني لذكراك
وأشدو بأغنية الوريد
يا مستحيلاً في ساعات الزمن
يا مستحيلاً من بين ضلوعي.
تبكي الحسناء وتسير الدموع في نفس العرق الممتد من نهاية جفونها إلى نحرها وتصرخ به:
- ُأعلن الرحيل فهيا غادر حالاً.
- لا تحرقي حباً لم يصرخ بألم الولادة بعد، اجعليه يشبع من لحظات الذكرى.
أغلقت الحسناء النافذة … وطفق الناي ينشج… غادر القمر حزينا… جاء قوس قزح ليحمله إلى السماء ،هناك انقلب الناي إلى منقار والعازف الشاعر إلى نورس يطير باتجاه الشمس ،أما تلك الفتاة التي دهشت وهي تشاهد هذا الحدث العجائبي ،فقد فُتح باب غرفتها ودخل رجل سمين وفظ ، وقبل أن ينهال بشتائمه المعتادة أعمت الشمس عينيه، وما إن استعاد بصره حتى شاهد النافذة قد كُسرت وطارت منها بجعة بيضاء ولم يشاهد لا هو ولا أي أحد بعدها تلك الفتاة الحسناء التي لم تبلغ ربع عمره، أما الشاعر فلم يكن أحد يتذكره من البشر ليلاحظ غيابه .ولكن الغيوم والشمس وقوس قزح تعرف كل تفاصيل الحكاية.
فتحت الحسناء نافذتها،دون أن يخرج أي صوت منها، فعرف أن النافذة كانت مشقوقة، وعزفه يتسرب إلى أذنيها.
جلس تحت شجرة التفاح التي كان يسند ظهره إليها، و أمسك الناي ليبدأ عزف ألحانه و إنشاد قصيدة تمسح غبار الحزن عن قلبها أو تهذبه .
وقع الناي من يديه بمجرد أن أولته نظرات عينيها باهتمام ، فوجد نفسه يتحدث معها مبرراً وقوفه بجانب شجرة التفاح .
- أنا عازف أهاجر إلى أي مكان،حيث الاستقرار بلا طعم؛ علَّني أتعثر بعش يلم حطامي وألحان قيثارتي.
- أيها العازف الشاعر الساحر اصنع بيديك عشك، أتقنه، انسجه من خيوط القمر، ولباب البشر، وفتات السحر، ونم هناك وقل: "ذلك عشي ومهجري. فدعيني يا طيور واسرحي".
- ما أجمل كلامك أيتها الحسناء ! ليت عيني بحيرة تسبح فيهما الحوريات من أمثالك ؛ لدعوتك للسباحة فيهما حالا .
- لكني أخشى غرقاً لا يليق بعيون عازف وشاعر مثلك!!
- أنتِ حورية ،و الحوريات لا تعرف معنى الغرق بل النوم على صخور الحب، ومداعبة قطرات ماء البحر .
- إن قطرات الماء التي تضرب صخور البحر تلك، لها مفعول إزميل حديدي، فهي تثقب الصخر ليس ذلك بالقوة إنما بالتواصل.
- أرى في عينيك مهرة أصيلة تحب الهرب،والوثب فوق الأزهار، ومطاردة قمم الجبال الهاربة من قسوة الأرض .فمن يسجنك في هذا البيت ؟
- حقاً ما أنا سوى مهرة سجينة تتمنى أن تركض في سهول الشعر، وتغادر الكوابيس الحبيسة بين شفاه تاجر فظ اشترى روحي مثل عربة خيول .
- لهذا لا أطيق الناس، أحب السفر هروباً من سجن، أي مكان يعيش فيه الإنسان.
- يا نورس الغيوم هل في وقتك متسع لي ؟ فأنا البجعة المجنونة بالشعر والحكايات المقهورة في زمن لا يعترف بنشيد الحوريات ،فتعال كل صباح مثل هذه العصافير، و اسمعني من كلامك الساحر .
- أنا لا أعيش في مكان ما أكثر من يوم ،ولا أعود إلى مكان زرته من قبل؛ فلا أعرف في هذا العالم سوى فوهة الناي الذي ترين،أنا أعيش في عوالم عزفي وشعري التي تغنيها رياح السفر ، فشاهدت بريق عينيك يأتيني من وراء الزجاج ، فأحببت طرح عزف اللحن الأخير عليك لا أكثر .
- أيها النورس القادم من وراء الأحلام ألا تبني لي عشاً من الكلمات ؟ لا يفقس من بيضه سوى طيور شعرية محروسة بتعويذة القوافي ، هلاّ داعبت بأقدامك رمال شاطئي .
- سأعاني طويلاً متأثراً بكلماتك أيتها القديسة، يا صانعة عطر الكلمات، أعدك بأنّي سأرسل كلماتي كل صباح مع أنفاس الطبيعة،والآن أَسمعيني أنت من شِعرك المسجون في قلاع النفي وضعيه في روحي لأحمله غذاء لوحدتي.
- عندما ترحل على جناح فراشة وأنت في منزلك.
و تسافر على كلمة حب
تأخذك إلى بقاع العشق المقدسة
و تتحول كل أحلامك إلى خيول برية لا تقبل التهجين
.. عندما تغفوا على زبدة النوم وترسم لوحات أحلامك
اعلم أنك في حالة عشق أبدية……
- ما أنا يا قديستي سوى طالب للنسك في كنيسة قلبك والصلب على صدرك لأنال الخلاص.
- ..أأدعوك وأنا أعلم أنّ دعائي مستحيل؟ أأطلبك وأنا قابعة تحت ظلال الشهبندر؟
علَّني لذكراك
وأشدو بأغنية الوريد
يا مستحيلاً في ساعات الزمن
يا مستحيلاً من بين ضلوعي.
تبكي الحسناء وتسير الدموع في نفس العرق الممتد من نهاية جفونها إلى نحرها وتصرخ به:
- ُأعلن الرحيل فهيا غادر حالاً.
- لا تحرقي حباً لم يصرخ بألم الولادة بعد، اجعليه يشبع من لحظات الذكرى.
أغلقت الحسناء النافذة … وطفق الناي ينشج… غادر القمر حزينا… جاء قوس قزح ليحمله إلى السماء ،هناك انقلب الناي إلى منقار والعازف الشاعر إلى نورس يطير باتجاه الشمس ،أما تلك الفتاة التي دهشت وهي تشاهد هذا الحدث العجائبي ،فقد فُتح باب غرفتها ودخل رجل سمين وفظ ، وقبل أن ينهال بشتائمه المعتادة أعمت الشمس عينيه، وما إن استعاد بصره حتى شاهد النافذة قد كُسرت وطارت منها بجعة بيضاء ولم يشاهد لا هو ولا أي أحد بعدها تلك الفتاة الحسناء التي لم تبلغ ربع عمره، أما الشاعر فلم يكن أحد يتذكره من البشر ليلاحظ غيابه .ولكن الغيوم والشمس وقوس قزح تعرف كل تفاصيل الحكاية.