في أي مرحلة عمرية تدرس اللغة الأجنبية؟
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
[size=25]
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
هناك أسئلة ملحة في ميدان البحث الثنائي اللغوي والتي تخص تعلم وتعليم
اللغة الثانية مثل اللغة الإنجليزية. فمن أهم الأسئلة التي أثارت الكثير من
الجدل ما يلي: متى نبدأ تدريس اللغة الثانية؟ فهل نبدأ بذلك في المرحلة
العمرية المبكرة (الابتدائية)، أم المرحلة العمرية المتوسطة (المتوسطة)، أم
المرحلة العمرية المتقدمة (الثانوية)؟ هل يترتب على البدء في مرحلة دراسية
محددة نتائج تحصيلية أفضل أو العكس؟ ما علاقة ذلك بالمدة الزمنية المحددة
لتعلم اللغة الثانية؟ هل كلما زادت سنوات الدراسة للغة ما زادت فرص الإتقان
لتلك اللغة؟ هل هناك تأثير على تعلم اللغة الأم من تعلم اللغة الثانية؟
وهل هناك فرق في هذا الخصوص بين من تعلم اللغة الثانية في بيئتها، ومن تعلم
اللغة الثانية في غير بيئتها؟ وغيرها من الأسئلة التي يحاول علماء اللغة
الإجابة عنها.
في خضم الإجابة عما سبق من أسئلة نجد أن هناك الكثير من الدراسات التي يمكن
أن نستعرض بعضها وهي بدورها تمثل غيرها من دراسات مماثلة.بالرغم من
استطاعة كثير من الناس تعلم لغة ثانية في مراحل عمرية مختلفة، إلا أن هناك
دراسات عدة توضح أن تعلم اللغة الثانية قبل مرحلة البلوغ تساعد على تحصيل
لغوي أفضل يماثل ما يحصل عليه أهل اللغة وخصوصًا بالنسبة لمهارة النطق
(Abuhamdia, 1987). وهناك العديد من الباحثين وجدوا أن لدى الأطفال قدرة
ذاتية على اكتساب قواعد أي لغة، وأن هذه القدرة تقل عند بلوغ سن الرشاد؛
فلذا كلما بدأ التلميذ تعلم اللغة الثانية مبكرًا أتقنها (Curtiss, 1995;
Johnson and Newport, 1989).بالمقابل نجد أن هناك دراسات أخرى أوضحت
نتائجها أنه بالرغم من أن الأطفال يكتسبون مهارة النطق بسهولة، إلا أن
الكبار يفوقونهم بالنسبة لتعلم المفردات والقواعد مثل (Swain & Lapkin
1989).ولكن هذا ما لا تتفق معه الدراسة التحليلية التي قامت بها أنتونيني ـ
بوسكن (Antonini-Boscan, 1988) في الفروق بين الفرضيات في مجال تعلم اللغة
الثانية ومجال علم نفس النمو فيما يتعلق بالقدرات الذهنية للطفل. وجدت
الباحثة أنه في الوقت الذي يعتقد بعض الباحثين في مجال تعلم اللغة الثانية
أن الطفل غير قادر على التحليل اللغوي والتعميم المجرد، ولديه أيضًا قصور
في إدراك الظواهر المرتبطة باللغة مثل الدلالات الاجتماعية، نجد أن كثيرًا
من النتائج في حقل علم نفس النمو أوضحت أن ما سبق ذكره يعد بخسًا في تقدير
قدرات الطفل الذهنية والعقلية. وأضافت أنتونيني ـ بوسكن أن هناك دراسة بحثت
في عملية تعلم الطفل للغة ثانية في بيئة اللغة الأم، حيث تم التعلم في
إطار بيئة مدرسية رسمية وفي فصول دراسية. وبعد مقارنة نتائج أداء الأطفال
مع نتائج أداء الكبار ـ الذين تعلموا اللغة الثانية في بيئة مشابهة لبيئة
الأطفال ـ اتضح أن الأطفال مثل الكبار قادرون على استنباط وتطبيق قواعد
اللغة الثانية.وهذا ما يؤكده سنغلتون (Singleton, 1989) بعد دراسة وافية
لعدة بحوث؛ حيث وجد أن الكبار ليسوا أكثر قدرة من الأطفال على تعلم اللغة
الثانية الأجنبية ولا العكس (وهو أن الأطفال ليسوا أكثر قدرة من الكبار على
تعلم اللغة الثانية الأجنبية). ولكن يضيف سنغلتون أن هناك عدة دراسات تؤكد
أن من درس اللغة الثانية (وليس الأجنبية) (أي درس اللغة الثانية في
بيئتها) ابتداء من مرحلة الطفولة سيكون معدل الكفاءة اللغوية لديه أعلى من
الكبار على المدى البعيد.وتشير دراسات أخرى (Curtain &Pcsola, 1994;
Hatch, 1983; Genesee, 1978) أنه كلما زادت سنوات دراسة لغة ثانية ما، زادت
فرص إتقان تلك اللغة. ولذلك نستطيع أن نقول إن من بدأ تعلم لغة ثانية في
المرحلة الابتدائية ستكون حظوظه في تعلم تلك اللغة أفضل ممن بدأ تعلمها
متأخرًا، وذلك بسبب زيادة فرص التطبيق والممارسة.وهذا يقودنا إلى التعرف
على البرامج المختلفة في تدريس اللغة الثانية والأجنبية في المرحلة
الابتدائية (علمًا أن البرنامج الثاني هو المعمول به أيضًا في المدارس
المتوسطة والثانوية بالمملكة) وهي: ـ برنامج الدمج اللغوي المكثف (Language
Immcrsion Program (LIP)). هناك برنامج دمج كلي يقوم بتدريس الطلاب كل
المواد باللغة الثانية، وهناك برنامج دمج جزئي حيث تدرس بعض المواد باللغة
الأولى والبعض الآخر باللغة الثانية. فمثلاً يدرس الطالب العلوم والرياضيات
باللغة الإنجليزية في الصباح، وفي المساء يدرس الطالب اللغة الأم والدين
والعلوم الاجتماعية باللغة العربية. في كلتا الحالتين اللغة الثانية هي
وسيلة لتدريس محتوى المواد بدلاً من تدريسها كمادة منفصلة.ـ برنامج اللغة
الأجنبية في المدارس الابتدائية (Foreign Language in Elementary Schools
(FLES)): هذا البرنامج أكثر شيوعًا من البرنامج السابق. في هذا البرنامج
تدرس اللغة الأجنبية كمادة منفصلة بالضبط كما تدرس مادة الجغرافيا مثلاً.
وتدرس هذه المادة ثلاث إلى خمس مرات في الأسبوع.ـ برنامج اللغة الأجنبية
التمهيدي (Foreign Language Exploratory Program (FLEX) يعتبر هذا البرنامج
كأساس للتعلم فيما بعد. فيعطى الطالب مواضيع عامة عن ثقافة ولغة أجنبية
كمادة تمهيدية ليس الهدف منها تحقيق الكفاءة اللغوية المطلوبة في اللغة
الأخرى.يظن بعض الباحثين والآباء وغيرهم أن تعلم لغة ثانية في الصغر يؤثر
على إتقان اللغة الأم سواء أكان ذلك في القراءة أم غيرها من المهارات
اللغوية أو على ثقافة الفرد والمجتمع (Jakobovits, 1970). ولكن في واقع
الأمر هناك دراسات عدة بينت أن ليس هناك تأثيرًا من تعلم اللغة الثانية على
اللغة الأولى، بل إن تعلمها يحسن من قدرة الطالب اللغوية في اللغة الأم،
حتى ولو كان ذلك في برامج لغوية ذات الدمج الكلي (Swain & Lapkin,
1982). مثال على ذلك دراسة قامت بتحليل نتائج اختبار تحصيلي للغة الأم
لمجموعتين من طلاب المرحلة الابتدائية في مدينة فير فاكس بولاية فرجينيا
(أمريكا). المجموعة التي أمضت خمس سنوات في برنامج «الدمج اللغوي المكثف»
استطاعت أن تحقق مثل أو أفضل من المجموعة الأخرى التي لم تشترك في هذا
البرنامج. واستمر طلاب الدمج اللغوي المكثف بتميزهم الأكاديمي طيلة مدة
دراستهم (Thomas, Collier, & Abbot, 1993).في بعض الدول العربية مثل
مصر والأردن يدرس الطلاب اللغة الإنجليزية ابتداء من المرحلة الابتدائية
(FLES). وفي بعض الدراسات التي فحصت مستوى الطلاب في اللغتين العربية
والإنجليزية لم يكن هناك أدنى تأثير من اللغة الأجنبية على تعلم اللغة
العربية، بل نجد أنهم أكثر تفوقًا في اللغة العربية. فمثلاً هناك دراسة
لتحليل وتقويم القراءة والاستيعاب لتلاميذ المرحلة الابتدائية في اللغتين
العربية والإنجليزية (إبراهيم حتاملة وضرار جرادات وخالد العمري، 1986م)
أوضحت أن أداء الطلاب في القراءة باللغة العربية أفضل منه في اللغة
الإنجليزية. وفي دراسة أخرى لإبراهيم حتاملة وضرار جرادات (1986) نجد أن
نتائجها أوضحت أن تعليم اللغة الإنجليزية ابتداء من الصف الأول الابتدائي
لا يعوق تعلم اللغة العربية أو الموضوعات الدراسية الأخرى كما يعتقد
الكثيرون. فقد تأكد الباحثان من أن إدخال مادة اللغة الإنجليزية لا يعوق
تعلم طلاب المرحلة الابتدائية في اللغة العربية والحساب، وذلك عن طريق
استخدام أنموذج لتقدير نمو تعلم الطلاب على مدى أربع سنوات دراسية كاملة.
بل إن متوسطات تقديرات المعلمين لدرجة تعلم التلاميذ بينت أن الطلاب أكثر
تفوقًا في اللغة العربية منها في اللغة الإنجليزية.بل نجد أن هناك نتائج
لبحوث في تعلم اللغة الأولى واللغة الثانية أوضحت أن الذين يتعلمون لغة
ثانية يكونون أسرع كثيرًا من الناطقين بها في تعلم بعض استعمالاتها؛ فمثلاً
قد وجد أن من يتعلم لغة ثانية يستعمل العبارات المكونة من كلمة أو كلمتين
لفترة قصيرة جدًا لا تتجاوز الشهر الثالث من استعماله للغة الأجنبية،
وينتقل بعدها إلى الطريقة التي يستخدمها الكبار التي تؤدي أغراضًا كثيرة.
وهذا بسبب أن من يتعلم لغة ثانية يكون في مرحلة نمو معرفي متقدمة عن تلك
التي يمر بها الطفل عند تعلمه للغته الأولى (Singleton, 1989).يقول عيد
الشمري في بحث له نشر في مجلة جامعة الملك سعود (1989) أن هناك اتجاهين
بالنسبة لموضوع تدريس اللغة الإنجليزية في المملكة العربية السعودية، الأول
يقترح تدريس الإنجليزية في المرحلة الابتدائية، والثاني يقترح إلغاء تدريس
الإنجليزية في مدارس المملكة وإنشاء مؤسسة وطنية للتعريب والترجمة التي من
أهم أهدافها التمكين من تعريب التعليم الجامعي في الحقول العلمية
والتقنية.وقد اقترح الشمري أجوبة للأسئلة التالية: (1) لمن تدرس اللغة
الإنجليزية في المملكة؟ (2) وإذا حددت الفئات التي تحتاج إلى اللغة
الإنجليزية فما الوقت المناسب لتدريسها؟ (3) وما أنفع الطرق والأساليب
لتدريس هذه اللغة؟ بالنسبة للسؤال الأول، فيقول الباحث «إن اللغة
الإنجليزية تعتبر أساسية لجميع الطلبة الذين يجتازون المرحلة الثانوية في
القسم العلمي ويواصلون تعليمهم العالي في الكليات العلمية لأن لغة التدريس
فيها هي الإنجليزية. أما الطلاب في القسم الأدبي فاللغة الإنجليزية أقل
أهمية بالنسبة لهم وذلك لأنهم يستطيعون مواصلة تعليمهم الجامعي باللغة
العربية (ص186). (ولكن لابد لنا أن ندرك أن اللغة الإنجليزية مهمة بالنسبة
للطلاب في القسم الأدبي كما هي في القسم العلمي، فمثلاً أقسام اللغة
الإنجليزية في الجامعات تقبل الطلاب من القسمين العلمي والأدبي) وفي
الإجابة عن السؤال الثاني، يقول الشمري إن التوقيت المناسب لتدريس
الإنجليزية يتحدد عندما يدرك الطالب أهمية اللغة الإنجليزية لمستقبله
العلمي أو العملي ويتحقق هذا الإدراك غالبًا في المرحلة الثانوية. (وهذا
الأمر لا يمكن الجزم به حيث إنه موضوع نسبي يختلف من طالب إلى آخر). وأما
فيما يخص الإجابة عن السؤال الثالث، فيقدم الشمري جملة من المقترحات من
أهمها تكثيف تدريس الإنجليزية في المرحلة الثانوية بحيث تكون ثماني حصص
أسبوعيًا لمدة ثلاث سنوات بدلاً من الوضع الحالي وهو أربع حصص أسبوعيًا
لمدة ست سنوات.ويؤكد الشمري ما ذهب إليه آنفًا في حوار صحفي نشر في جريدة
الجزيرة في العدد رقم 8318، عام 1416هـ (1995م)، فيقول إن بدء تدريس
الإنجليزية في المرحلة الابتدائية سيزاحم مناهج الدين واللغة العربية
وسيربك الحصيلة الثقافية للطالب، وإن الحل الأمثل يتمثل في بدء تدريس
الإنجليزية في المرحلة الثانوية مع تكثيف لعدد ساعات تدريسها.وفي دراسة
علمية، قام عبدالرحمن العبدان ببحث تطبيقي نشر في مجلة SYSTEM البريطانية
(1991) لتقويم ومناقشة مقترح تدريس الإنجليزية في المدارس الابتدائية
السعودية الحكومية. شملت عينة الدراسة 160 طالبًا سعوديًا وغير سعودي
يدرسون في السنة الثالثة المتوسطة، تم اختيارهم عشوائيًا من خمس مدارس
حكومية (وعددهم 80 طالبًا: 40 سعوديًا و40 غير سعودي) وخمس مدارس خاصة
(وعددهم 80 طالبًا: 40 سعوديًا و40 غير سعودي) في مدينة الرياض. ولتحقيق
أهداف الدراسة، قام الباحث باختبار تحصيلي للطلاب في الفصل الأول من العام
الدراسي 1988/1987م. وكان الاختبار يهدف إلى قياس تحصيل اللغة الإنجليزية
لدى المبتدئين في القراءة والقواعد والكتابة والمفردات. وأوضحت نتائج
الدراسة أن طلاب المدارس الخاصة الذين درسوا الإنجليزية في المرحلة
الابتدائية حققوا درجات أفضل من طلاب المدارس الحكومية الذين لم يتسن لهم
دراسة الإنجليزية في المرحلة الابتدائية. وقد تحصل الطلاب غير السعوديون
على درجات أفضل من الطلاب السعوديين بشكل عام سواء كان ذلك في المدارس
الخاصة أو الحكومية.وقد أوضح العبدان أنه إذا تم اقتراح تدريس الإنجليزية
في المرحلة الابتدائية فإن ذلك ينبع من أهمية زيادة الوقت الذي ينبغي أن
يدرس فيه الطالب اللغة الأجنبية. كما أشار إلى دراستين تفيدان بأن تدريس
اللغة الأجنبية في المرحلة الابتدائية ليس له أي تأثير سلبي على اكتساب
اللغة العربية الأم. بل إن الأطفال الذين تعلموا اللغة الثانية حصلوا على
درجات أفضل في اختبارات اللغة الأم من أقرانهم الذين لم يدرسوا اللغة
الثانية (ص263).وفي رسالة للدكتوراه (1999)، قام سعد الناصر بدراسة
استطلاعية وصفية حديثة قام من خلالها بعرض وصف شامل وتحليل مفصل عن تدريس
الإنجليزية في المدارس الابتدائية الأهلية في مدينة الرياض. وكان الهدف من
ذلك دراسة تجربة المدارس الأهلية والاستفادة منها والخروج بأجوبة لأسئلة من
أهمها الآتي: (1) هل من الضروري أن نقوم بتدريس اللغة الإنجليزية في
المرحلة الابتدائية في المدارس الحكومية؟ (2) إذا كانت الإجابة بـ«نعم» عن
السؤال السابق، فهل سيكون هناك أي تأثير سلبي من تعلم الإنجليزية على الفرد
من ناحية اللغة العربية والدين والقيم الثقافية والاجتماعية في هذه
المرحلة العمرية المبكرة؟ وبعد دراسة وصفية مستفيضة خلص الباحث إلى نتائج
من أهمها الآتي: (1) مستوى الدافع لدى الطلاب لتعلم الإنجليزية منخفض بسبب
أن مادة اللغة الإنجليزية مجرد نشاط إضافي لا نجاح فيه ولا رسوب. (2) تدريس
اللغة الإنجليزية في المدارس (التي تم تضمينها في الدراسة) يتم بطريقة
عشوائية بحيث لا تعتمد على طرق تدريس علمية وحديثة. (3) الكتب المستخدمة في
المدارس لا تتوافق مع بيئتنا الإسلامية والثقافية. وقام الباحث بسرد عدة
توصيات من أهمها: (1) دمج اللغة الإنجليزية في المنهج الدراسي الحكومي
للمرحلة الابتدائية، ويفضل أن يبدأ تدريس الإنجليزية من الصف الثالث أو
الصف الرابع الابتدائي على الأكثر؛ بشرط أن يتوافق هذا التدريس مع
المتطلبات الدينية واللغوية والثقافية والاجتماعية لبيئتنا السعودية. (2)
معاملة اللغة الإنجليزية كمادة أساسية من ناحية الرسوب والنجاح.السؤال هو:
كيف نوفق بين النتائج المتناقضة في مسألة التعليم المبكر للغة الثانية؟
أوضح (كمينس Cummins,1984) أن معظم الدراسات التي قالت إن هناك تأثيرًا على
تعلم اللغة الأم وثقافتها من اللغة الثانية هي في الواقع دراسات ركزت على
فئة من الطلاب المهاجرين أو الأقليات. فنجد أن اللغة الأم لهؤلاء الطلاب
كان يستبدل بها اللغة السائدة، وهذا كان السبب الرئيس في التأثير. وقال
كمينس إن هذا الحالة من التعلم تدعى الثنائية اللغوية الطارحة (Subtractive
bilingualism) وهي التي تسود بين أطفال يتهدد لغتهم الأم الاندثار بسبب
سيطرة لغة الأغلبية عليها. ويقابل هذه الحالة ما يسمى بالثنائية اللغوية
الجامعة (Additive bilingualism) التي تسود بين أطفال تتمتع لغتهم الأم
بنصيب وافر وكبير من التفوق والرسوخ. ومعظم الدراسات التي أظهرت العوامل
الإيجابية من الثنائية اللغوية المبكرة هي في الواقع دراسات تمت في البيئة
الجامعة.ولقد قام كاتب هذه السطور بدراسة علمية محكمة (المجلة العلمية ـ
جامعة الملك فيصل، 1422هـ) بحثت في مستوى الطلاب السعوديين في اللغة
الإنجليزية في المرحلتين المتوسطة والثانوية الحكومية والأهلية. أوضحت
نتائج الدراسة ـ إجمالاً ـ أن مستوى طلاب المرحلتين المتوسطة والثانوية في
اللغة الإنجليزية في المدارس الأهلية أفضل من مستوى أقرانهم في المدارس
الحكومية؛ بل إن مستوى الطلاب في المرحلة المتوسطة الأهلية أفضل نسبيًا من
مستوى الطلاب في المرحلة الثانوية الحكومية. ولقد أبدى معظم الطلاب رغبتهم
في تدريس الإنجليزية بدءًا من المرحلة الابتدائية. وفي ضوء هذه الأهمية
لنتائج هذه الدراسة، ولحل مشكلة تدني مستوى اللغة الإنجليزية للطلاب
السعوديين، يقترح الباحث تطبيق إحدى التوصيتين التاليتين:ـ مضاعفة عدد
ساعات تدريس اللغة الإنجليزية في المرحلتين المتوسطة والثانوية بحيث يصبح
عدد الساعات الأسبوعية في كل سنة دراسية هو ثماني ساعات بدلاً من أربع
ساعات. وبهذا نستطيع إعطاء الفرصة اللازمة لتطبيق اللغة في المعامل
المتخصصة، ومن ثم الحرص على الكيفية والنوعية وليس الكمية. وزيادة عدد
الساعات لن تكون ترفًا بل ضرورة حيث إن متوسط عدد أيام العام الدراسي في
السعودية هو 140يومًا، وهذا يمثل أقل المتوسطات بين دول كثيرة كاليابان
وأمريكا. وقد ذكر البابطين في بحث له نشر في مجلة جامعة الإمام (1419هـ) أن
هناك اقتراحًا تقدم به أحد الباحثين بمد «اليوم الدراسي من 5 إلى 7 ساعات
يوميًا، وإطالة العام الدراسي من 140 يومًا إلى 180 أو 200 يوم في العام» ص
478.ـ تدريس اللغة الإنجليزية ابتداء من السنة الرابعة من المرحلة
الابتدائية بواقع أربع ساعات أسبوعيًا، ويبقى عدد الساعات كما هو عليه في
المتوسطة والثانوية. (الجدير بالذكر أن اللغة الإنجليزية تدرس بواقع خمس
ساعات أسبوعيًا ـ إحداها بالمعمل ـ في المرحلة الابتدائية بالمجمع الأهلي
الذي تم أخذ عينة منه لهذه الدراسة). وإذا تم إقرار تدريس الإنجليزية في
المرحلة الابتدائية فلا بد من توافر عوامل تساعد على التحصيل اللغوي
وتتوافق مع هذه المرحلة العمرية المبكرة ومنها: (أ) توافر الأدوات
التعليمية المناسبة من كتب تناسب بيئتنا الإسلامية ووسائل تعليمية مساعدة.
(ب) تدريب المعلمين على أسلوب ومهارة التعليم الابتدائي. (ج) الشعور العام
تجاه اللغة الإنجليزية (الهدف) لا بد أن يكون إيجابيًا. (د) أن يكون هناك
نجاح أو رسوب في المادة. (هـ) تربية النشء على أن تعلم هذه اللغة وسيلة
وليست غاية بحد ذاتها. (و) تقديم الحوافز والجوائز التشجيعية. إذا لم
تتوافر هذه العوامل فتجربة تعليم اللغة المبكرة ستكون سلبية، وسينعكس هذا
الموقف السلبي على تعلم اللغة مستقبلاً.
[/size]
[size=25]
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
هناك أسئلة ملحة في ميدان البحث الثنائي اللغوي والتي تخص تعلم وتعليم
اللغة الثانية مثل اللغة الإنجليزية. فمن أهم الأسئلة التي أثارت الكثير من
الجدل ما يلي: متى نبدأ تدريس اللغة الثانية؟ فهل نبدأ بذلك في المرحلة
العمرية المبكرة (الابتدائية)، أم المرحلة العمرية المتوسطة (المتوسطة)، أم
المرحلة العمرية المتقدمة (الثانوية)؟ هل يترتب على البدء في مرحلة دراسية
محددة نتائج تحصيلية أفضل أو العكس؟ ما علاقة ذلك بالمدة الزمنية المحددة
لتعلم اللغة الثانية؟ هل كلما زادت سنوات الدراسة للغة ما زادت فرص الإتقان
لتلك اللغة؟ هل هناك تأثير على تعلم اللغة الأم من تعلم اللغة الثانية؟
وهل هناك فرق في هذا الخصوص بين من تعلم اللغة الثانية في بيئتها، ومن تعلم
اللغة الثانية في غير بيئتها؟ وغيرها من الأسئلة التي يحاول علماء اللغة
الإجابة عنها.
في خضم الإجابة عما سبق من أسئلة نجد أن هناك الكثير من الدراسات التي يمكن
أن نستعرض بعضها وهي بدورها تمثل غيرها من دراسات مماثلة.بالرغم من
استطاعة كثير من الناس تعلم لغة ثانية في مراحل عمرية مختلفة، إلا أن هناك
دراسات عدة توضح أن تعلم اللغة الثانية قبل مرحلة البلوغ تساعد على تحصيل
لغوي أفضل يماثل ما يحصل عليه أهل اللغة وخصوصًا بالنسبة لمهارة النطق
(Abuhamdia, 1987). وهناك العديد من الباحثين وجدوا أن لدى الأطفال قدرة
ذاتية على اكتساب قواعد أي لغة، وأن هذه القدرة تقل عند بلوغ سن الرشاد؛
فلذا كلما بدأ التلميذ تعلم اللغة الثانية مبكرًا أتقنها (Curtiss, 1995;
Johnson and Newport, 1989).بالمقابل نجد أن هناك دراسات أخرى أوضحت
نتائجها أنه بالرغم من أن الأطفال يكتسبون مهارة النطق بسهولة، إلا أن
الكبار يفوقونهم بالنسبة لتعلم المفردات والقواعد مثل (Swain & Lapkin
1989).ولكن هذا ما لا تتفق معه الدراسة التحليلية التي قامت بها أنتونيني ـ
بوسكن (Antonini-Boscan, 1988) في الفروق بين الفرضيات في مجال تعلم اللغة
الثانية ومجال علم نفس النمو فيما يتعلق بالقدرات الذهنية للطفل. وجدت
الباحثة أنه في الوقت الذي يعتقد بعض الباحثين في مجال تعلم اللغة الثانية
أن الطفل غير قادر على التحليل اللغوي والتعميم المجرد، ولديه أيضًا قصور
في إدراك الظواهر المرتبطة باللغة مثل الدلالات الاجتماعية، نجد أن كثيرًا
من النتائج في حقل علم نفس النمو أوضحت أن ما سبق ذكره يعد بخسًا في تقدير
قدرات الطفل الذهنية والعقلية. وأضافت أنتونيني ـ بوسكن أن هناك دراسة بحثت
في عملية تعلم الطفل للغة ثانية في بيئة اللغة الأم، حيث تم التعلم في
إطار بيئة مدرسية رسمية وفي فصول دراسية. وبعد مقارنة نتائج أداء الأطفال
مع نتائج أداء الكبار ـ الذين تعلموا اللغة الثانية في بيئة مشابهة لبيئة
الأطفال ـ اتضح أن الأطفال مثل الكبار قادرون على استنباط وتطبيق قواعد
اللغة الثانية.وهذا ما يؤكده سنغلتون (Singleton, 1989) بعد دراسة وافية
لعدة بحوث؛ حيث وجد أن الكبار ليسوا أكثر قدرة من الأطفال على تعلم اللغة
الثانية الأجنبية ولا العكس (وهو أن الأطفال ليسوا أكثر قدرة من الكبار على
تعلم اللغة الثانية الأجنبية). ولكن يضيف سنغلتون أن هناك عدة دراسات تؤكد
أن من درس اللغة الثانية (وليس الأجنبية) (أي درس اللغة الثانية في
بيئتها) ابتداء من مرحلة الطفولة سيكون معدل الكفاءة اللغوية لديه أعلى من
الكبار على المدى البعيد.وتشير دراسات أخرى (Curtain &Pcsola, 1994;
Hatch, 1983; Genesee, 1978) أنه كلما زادت سنوات دراسة لغة ثانية ما، زادت
فرص إتقان تلك اللغة. ولذلك نستطيع أن نقول إن من بدأ تعلم لغة ثانية في
المرحلة الابتدائية ستكون حظوظه في تعلم تلك اللغة أفضل ممن بدأ تعلمها
متأخرًا، وذلك بسبب زيادة فرص التطبيق والممارسة.وهذا يقودنا إلى التعرف
على البرامج المختلفة في تدريس اللغة الثانية والأجنبية في المرحلة
الابتدائية (علمًا أن البرنامج الثاني هو المعمول به أيضًا في المدارس
المتوسطة والثانوية بالمملكة) وهي: ـ برنامج الدمج اللغوي المكثف (Language
Immcrsion Program (LIP)). هناك برنامج دمج كلي يقوم بتدريس الطلاب كل
المواد باللغة الثانية، وهناك برنامج دمج جزئي حيث تدرس بعض المواد باللغة
الأولى والبعض الآخر باللغة الثانية. فمثلاً يدرس الطالب العلوم والرياضيات
باللغة الإنجليزية في الصباح، وفي المساء يدرس الطالب اللغة الأم والدين
والعلوم الاجتماعية باللغة العربية. في كلتا الحالتين اللغة الثانية هي
وسيلة لتدريس محتوى المواد بدلاً من تدريسها كمادة منفصلة.ـ برنامج اللغة
الأجنبية في المدارس الابتدائية (Foreign Language in Elementary Schools
(FLES)): هذا البرنامج أكثر شيوعًا من البرنامج السابق. في هذا البرنامج
تدرس اللغة الأجنبية كمادة منفصلة بالضبط كما تدرس مادة الجغرافيا مثلاً.
وتدرس هذه المادة ثلاث إلى خمس مرات في الأسبوع.ـ برنامج اللغة الأجنبية
التمهيدي (Foreign Language Exploratory Program (FLEX) يعتبر هذا البرنامج
كأساس للتعلم فيما بعد. فيعطى الطالب مواضيع عامة عن ثقافة ولغة أجنبية
كمادة تمهيدية ليس الهدف منها تحقيق الكفاءة اللغوية المطلوبة في اللغة
الأخرى.يظن بعض الباحثين والآباء وغيرهم أن تعلم لغة ثانية في الصغر يؤثر
على إتقان اللغة الأم سواء أكان ذلك في القراءة أم غيرها من المهارات
اللغوية أو على ثقافة الفرد والمجتمع (Jakobovits, 1970). ولكن في واقع
الأمر هناك دراسات عدة بينت أن ليس هناك تأثيرًا من تعلم اللغة الثانية على
اللغة الأولى، بل إن تعلمها يحسن من قدرة الطالب اللغوية في اللغة الأم،
حتى ولو كان ذلك في برامج لغوية ذات الدمج الكلي (Swain & Lapkin,
1982). مثال على ذلك دراسة قامت بتحليل نتائج اختبار تحصيلي للغة الأم
لمجموعتين من طلاب المرحلة الابتدائية في مدينة فير فاكس بولاية فرجينيا
(أمريكا). المجموعة التي أمضت خمس سنوات في برنامج «الدمج اللغوي المكثف»
استطاعت أن تحقق مثل أو أفضل من المجموعة الأخرى التي لم تشترك في هذا
البرنامج. واستمر طلاب الدمج اللغوي المكثف بتميزهم الأكاديمي طيلة مدة
دراستهم (Thomas, Collier, & Abbot, 1993).في بعض الدول العربية مثل
مصر والأردن يدرس الطلاب اللغة الإنجليزية ابتداء من المرحلة الابتدائية
(FLES). وفي بعض الدراسات التي فحصت مستوى الطلاب في اللغتين العربية
والإنجليزية لم يكن هناك أدنى تأثير من اللغة الأجنبية على تعلم اللغة
العربية، بل نجد أنهم أكثر تفوقًا في اللغة العربية. فمثلاً هناك دراسة
لتحليل وتقويم القراءة والاستيعاب لتلاميذ المرحلة الابتدائية في اللغتين
العربية والإنجليزية (إبراهيم حتاملة وضرار جرادات وخالد العمري، 1986م)
أوضحت أن أداء الطلاب في القراءة باللغة العربية أفضل منه في اللغة
الإنجليزية. وفي دراسة أخرى لإبراهيم حتاملة وضرار جرادات (1986) نجد أن
نتائجها أوضحت أن تعليم اللغة الإنجليزية ابتداء من الصف الأول الابتدائي
لا يعوق تعلم اللغة العربية أو الموضوعات الدراسية الأخرى كما يعتقد
الكثيرون. فقد تأكد الباحثان من أن إدخال مادة اللغة الإنجليزية لا يعوق
تعلم طلاب المرحلة الابتدائية في اللغة العربية والحساب، وذلك عن طريق
استخدام أنموذج لتقدير نمو تعلم الطلاب على مدى أربع سنوات دراسية كاملة.
بل إن متوسطات تقديرات المعلمين لدرجة تعلم التلاميذ بينت أن الطلاب أكثر
تفوقًا في اللغة العربية منها في اللغة الإنجليزية.بل نجد أن هناك نتائج
لبحوث في تعلم اللغة الأولى واللغة الثانية أوضحت أن الذين يتعلمون لغة
ثانية يكونون أسرع كثيرًا من الناطقين بها في تعلم بعض استعمالاتها؛ فمثلاً
قد وجد أن من يتعلم لغة ثانية يستعمل العبارات المكونة من كلمة أو كلمتين
لفترة قصيرة جدًا لا تتجاوز الشهر الثالث من استعماله للغة الأجنبية،
وينتقل بعدها إلى الطريقة التي يستخدمها الكبار التي تؤدي أغراضًا كثيرة.
وهذا بسبب أن من يتعلم لغة ثانية يكون في مرحلة نمو معرفي متقدمة عن تلك
التي يمر بها الطفل عند تعلمه للغته الأولى (Singleton, 1989).يقول عيد
الشمري في بحث له نشر في مجلة جامعة الملك سعود (1989) أن هناك اتجاهين
بالنسبة لموضوع تدريس اللغة الإنجليزية في المملكة العربية السعودية، الأول
يقترح تدريس الإنجليزية في المرحلة الابتدائية، والثاني يقترح إلغاء تدريس
الإنجليزية في مدارس المملكة وإنشاء مؤسسة وطنية للتعريب والترجمة التي من
أهم أهدافها التمكين من تعريب التعليم الجامعي في الحقول العلمية
والتقنية.وقد اقترح الشمري أجوبة للأسئلة التالية: (1) لمن تدرس اللغة
الإنجليزية في المملكة؟ (2) وإذا حددت الفئات التي تحتاج إلى اللغة
الإنجليزية فما الوقت المناسب لتدريسها؟ (3) وما أنفع الطرق والأساليب
لتدريس هذه اللغة؟ بالنسبة للسؤال الأول، فيقول الباحث «إن اللغة
الإنجليزية تعتبر أساسية لجميع الطلبة الذين يجتازون المرحلة الثانوية في
القسم العلمي ويواصلون تعليمهم العالي في الكليات العلمية لأن لغة التدريس
فيها هي الإنجليزية. أما الطلاب في القسم الأدبي فاللغة الإنجليزية أقل
أهمية بالنسبة لهم وذلك لأنهم يستطيعون مواصلة تعليمهم الجامعي باللغة
العربية (ص186). (ولكن لابد لنا أن ندرك أن اللغة الإنجليزية مهمة بالنسبة
للطلاب في القسم الأدبي كما هي في القسم العلمي، فمثلاً أقسام اللغة
الإنجليزية في الجامعات تقبل الطلاب من القسمين العلمي والأدبي) وفي
الإجابة عن السؤال الثاني، يقول الشمري إن التوقيت المناسب لتدريس
الإنجليزية يتحدد عندما يدرك الطالب أهمية اللغة الإنجليزية لمستقبله
العلمي أو العملي ويتحقق هذا الإدراك غالبًا في المرحلة الثانوية. (وهذا
الأمر لا يمكن الجزم به حيث إنه موضوع نسبي يختلف من طالب إلى آخر). وأما
فيما يخص الإجابة عن السؤال الثالث، فيقدم الشمري جملة من المقترحات من
أهمها تكثيف تدريس الإنجليزية في المرحلة الثانوية بحيث تكون ثماني حصص
أسبوعيًا لمدة ثلاث سنوات بدلاً من الوضع الحالي وهو أربع حصص أسبوعيًا
لمدة ست سنوات.ويؤكد الشمري ما ذهب إليه آنفًا في حوار صحفي نشر في جريدة
الجزيرة في العدد رقم 8318، عام 1416هـ (1995م)، فيقول إن بدء تدريس
الإنجليزية في المرحلة الابتدائية سيزاحم مناهج الدين واللغة العربية
وسيربك الحصيلة الثقافية للطالب، وإن الحل الأمثل يتمثل في بدء تدريس
الإنجليزية في المرحلة الثانوية مع تكثيف لعدد ساعات تدريسها.وفي دراسة
علمية، قام عبدالرحمن العبدان ببحث تطبيقي نشر في مجلة SYSTEM البريطانية
(1991) لتقويم ومناقشة مقترح تدريس الإنجليزية في المدارس الابتدائية
السعودية الحكومية. شملت عينة الدراسة 160 طالبًا سعوديًا وغير سعودي
يدرسون في السنة الثالثة المتوسطة، تم اختيارهم عشوائيًا من خمس مدارس
حكومية (وعددهم 80 طالبًا: 40 سعوديًا و40 غير سعودي) وخمس مدارس خاصة
(وعددهم 80 طالبًا: 40 سعوديًا و40 غير سعودي) في مدينة الرياض. ولتحقيق
أهداف الدراسة، قام الباحث باختبار تحصيلي للطلاب في الفصل الأول من العام
الدراسي 1988/1987م. وكان الاختبار يهدف إلى قياس تحصيل اللغة الإنجليزية
لدى المبتدئين في القراءة والقواعد والكتابة والمفردات. وأوضحت نتائج
الدراسة أن طلاب المدارس الخاصة الذين درسوا الإنجليزية في المرحلة
الابتدائية حققوا درجات أفضل من طلاب المدارس الحكومية الذين لم يتسن لهم
دراسة الإنجليزية في المرحلة الابتدائية. وقد تحصل الطلاب غير السعوديون
على درجات أفضل من الطلاب السعوديين بشكل عام سواء كان ذلك في المدارس
الخاصة أو الحكومية.وقد أوضح العبدان أنه إذا تم اقتراح تدريس الإنجليزية
في المرحلة الابتدائية فإن ذلك ينبع من أهمية زيادة الوقت الذي ينبغي أن
يدرس فيه الطالب اللغة الأجنبية. كما أشار إلى دراستين تفيدان بأن تدريس
اللغة الأجنبية في المرحلة الابتدائية ليس له أي تأثير سلبي على اكتساب
اللغة العربية الأم. بل إن الأطفال الذين تعلموا اللغة الثانية حصلوا على
درجات أفضل في اختبارات اللغة الأم من أقرانهم الذين لم يدرسوا اللغة
الثانية (ص263).وفي رسالة للدكتوراه (1999)، قام سعد الناصر بدراسة
استطلاعية وصفية حديثة قام من خلالها بعرض وصف شامل وتحليل مفصل عن تدريس
الإنجليزية في المدارس الابتدائية الأهلية في مدينة الرياض. وكان الهدف من
ذلك دراسة تجربة المدارس الأهلية والاستفادة منها والخروج بأجوبة لأسئلة من
أهمها الآتي: (1) هل من الضروري أن نقوم بتدريس اللغة الإنجليزية في
المرحلة الابتدائية في المدارس الحكومية؟ (2) إذا كانت الإجابة بـ«نعم» عن
السؤال السابق، فهل سيكون هناك أي تأثير سلبي من تعلم الإنجليزية على الفرد
من ناحية اللغة العربية والدين والقيم الثقافية والاجتماعية في هذه
المرحلة العمرية المبكرة؟ وبعد دراسة وصفية مستفيضة خلص الباحث إلى نتائج
من أهمها الآتي: (1) مستوى الدافع لدى الطلاب لتعلم الإنجليزية منخفض بسبب
أن مادة اللغة الإنجليزية مجرد نشاط إضافي لا نجاح فيه ولا رسوب. (2) تدريس
اللغة الإنجليزية في المدارس (التي تم تضمينها في الدراسة) يتم بطريقة
عشوائية بحيث لا تعتمد على طرق تدريس علمية وحديثة. (3) الكتب المستخدمة في
المدارس لا تتوافق مع بيئتنا الإسلامية والثقافية. وقام الباحث بسرد عدة
توصيات من أهمها: (1) دمج اللغة الإنجليزية في المنهج الدراسي الحكومي
للمرحلة الابتدائية، ويفضل أن يبدأ تدريس الإنجليزية من الصف الثالث أو
الصف الرابع الابتدائي على الأكثر؛ بشرط أن يتوافق هذا التدريس مع
المتطلبات الدينية واللغوية والثقافية والاجتماعية لبيئتنا السعودية. (2)
معاملة اللغة الإنجليزية كمادة أساسية من ناحية الرسوب والنجاح.السؤال هو:
كيف نوفق بين النتائج المتناقضة في مسألة التعليم المبكر للغة الثانية؟
أوضح (كمينس Cummins,1984) أن معظم الدراسات التي قالت إن هناك تأثيرًا على
تعلم اللغة الأم وثقافتها من اللغة الثانية هي في الواقع دراسات ركزت على
فئة من الطلاب المهاجرين أو الأقليات. فنجد أن اللغة الأم لهؤلاء الطلاب
كان يستبدل بها اللغة السائدة، وهذا كان السبب الرئيس في التأثير. وقال
كمينس إن هذا الحالة من التعلم تدعى الثنائية اللغوية الطارحة (Subtractive
bilingualism) وهي التي تسود بين أطفال يتهدد لغتهم الأم الاندثار بسبب
سيطرة لغة الأغلبية عليها. ويقابل هذه الحالة ما يسمى بالثنائية اللغوية
الجامعة (Additive bilingualism) التي تسود بين أطفال تتمتع لغتهم الأم
بنصيب وافر وكبير من التفوق والرسوخ. ومعظم الدراسات التي أظهرت العوامل
الإيجابية من الثنائية اللغوية المبكرة هي في الواقع دراسات تمت في البيئة
الجامعة.ولقد قام كاتب هذه السطور بدراسة علمية محكمة (المجلة العلمية ـ
جامعة الملك فيصل، 1422هـ) بحثت في مستوى الطلاب السعوديين في اللغة
الإنجليزية في المرحلتين المتوسطة والثانوية الحكومية والأهلية. أوضحت
نتائج الدراسة ـ إجمالاً ـ أن مستوى طلاب المرحلتين المتوسطة والثانوية في
اللغة الإنجليزية في المدارس الأهلية أفضل من مستوى أقرانهم في المدارس
الحكومية؛ بل إن مستوى الطلاب في المرحلة المتوسطة الأهلية أفضل نسبيًا من
مستوى الطلاب في المرحلة الثانوية الحكومية. ولقد أبدى معظم الطلاب رغبتهم
في تدريس الإنجليزية بدءًا من المرحلة الابتدائية. وفي ضوء هذه الأهمية
لنتائج هذه الدراسة، ولحل مشكلة تدني مستوى اللغة الإنجليزية للطلاب
السعوديين، يقترح الباحث تطبيق إحدى التوصيتين التاليتين:ـ مضاعفة عدد
ساعات تدريس اللغة الإنجليزية في المرحلتين المتوسطة والثانوية بحيث يصبح
عدد الساعات الأسبوعية في كل سنة دراسية هو ثماني ساعات بدلاً من أربع
ساعات. وبهذا نستطيع إعطاء الفرصة اللازمة لتطبيق اللغة في المعامل
المتخصصة، ومن ثم الحرص على الكيفية والنوعية وليس الكمية. وزيادة عدد
الساعات لن تكون ترفًا بل ضرورة حيث إن متوسط عدد أيام العام الدراسي في
السعودية هو 140يومًا، وهذا يمثل أقل المتوسطات بين دول كثيرة كاليابان
وأمريكا. وقد ذكر البابطين في بحث له نشر في مجلة جامعة الإمام (1419هـ) أن
هناك اقتراحًا تقدم به أحد الباحثين بمد «اليوم الدراسي من 5 إلى 7 ساعات
يوميًا، وإطالة العام الدراسي من 140 يومًا إلى 180 أو 200 يوم في العام» ص
478.ـ تدريس اللغة الإنجليزية ابتداء من السنة الرابعة من المرحلة
الابتدائية بواقع أربع ساعات أسبوعيًا، ويبقى عدد الساعات كما هو عليه في
المتوسطة والثانوية. (الجدير بالذكر أن اللغة الإنجليزية تدرس بواقع خمس
ساعات أسبوعيًا ـ إحداها بالمعمل ـ في المرحلة الابتدائية بالمجمع الأهلي
الذي تم أخذ عينة منه لهذه الدراسة). وإذا تم إقرار تدريس الإنجليزية في
المرحلة الابتدائية فلا بد من توافر عوامل تساعد على التحصيل اللغوي
وتتوافق مع هذه المرحلة العمرية المبكرة ومنها: (أ) توافر الأدوات
التعليمية المناسبة من كتب تناسب بيئتنا الإسلامية ووسائل تعليمية مساعدة.
(ب) تدريب المعلمين على أسلوب ومهارة التعليم الابتدائي. (ج) الشعور العام
تجاه اللغة الإنجليزية (الهدف) لا بد أن يكون إيجابيًا. (د) أن يكون هناك
نجاح أو رسوب في المادة. (هـ) تربية النشء على أن تعلم هذه اللغة وسيلة
وليست غاية بحد ذاتها. (و) تقديم الحوافز والجوائز التشجيعية. إذا لم
تتوافر هذه العوامل فتجربة تعليم اللغة المبكرة ستكون سلبية، وسينعكس هذا
الموقف السلبي على تعلم اللغة مستقبلاً.
[/size]