نتحدث اليوم عن واحد من أكبر المتاحف وأضخمها عالمياً، من حيث هندسته المعمارية وقيمته الفنية، فهو لا يقل أهمية عن متحف اللوفر بباريس، بل أنه يتفوق على جميع المتاحف العالم في ضخامة مبانيه الخمسة وتصاميم قاعاته وقيمة وعدد معروضاته الفنية.
تأسيسه وبناءه:
كان في البداية معداً ليكون قصراً شتوياً للإمبراطورة الشهيرة (كاترين الثانية)، وذلك في النصف الثاني من القرن الثامن عشر، (أزهى عصور الإمبراطورية الروسية).
بناه في أقل من عشر سنوات الفنان المعماري الشهير الإيطالي (راستريللي) وقد بناه بأسلوب (الباروك الروسي)، وذلك في سنة 1752 وكانت الامبراطورة من محبي الفن واقتناء قطعه النادرة، وكلما ازدادت المقتنيات، ظهرت الحاجة إلى المزيد من المباني، فظهر الارميتاج الصغير (1764) التي حولته الامبراطورة إلى متحف خاص بها بعيدا عن القصر الشتوي، وتم بناؤه بالأعمدة البيضاء التي كانت من أرقى وأنقى أنواع الرخام فكان يتخللها الضوء، وزينت أرضه بالفسيفساء النادرة، وافتتحته (كارتين الثانية) بمجموعة من اللوحات يبلغ عددها 225 لوحة لأشهر الفنانين العالميين اشترتها الإمبراطورة من تاجر ألماني يدعى ‘’جونسكوفسكي’’ مقابل مبلغ من المال لا يساوى الآن ثمن لوحة واحدة من هذه المجموعة.
ثم تم بناء الارميتاج القديم عام 1787 وخصص لحفظ اللوحات والأيقونات الثمينة، وكان دخوله قاصراً فقط على العائلة القيصرية وكبار الزوار من الملوك والأباطرة الأجانب.
ثم الارميتاج الجديد الذى تم بناؤه عام 1852 ويعد أجمل المباني الخمسة من الناحية المعمارية حيث تم تشييده على عشرة أعمدة على شكل تماثيل ضخمة لعمالقة يحملون على أكتافهم الكرة الأرضية في الطابق الأسفل وأطلق على القاعة اسم (قاعة الأطالس) نسبة إلى كلمة ‘’أطلس’’ التي أطلقت في اليونانية القديمة على العملاق الذي يحمل الكرة ارضية على كتفيه، وقام بتصميم ونحت التماثيل العشرة النحات الروسي الشهير (ألكسندر توربينيف).
ثم ظهر مسرح الأرميتاج : المبني سنة 1802 صممه المهندس الإيطالي (جياكومو كوارنجي) استغرق بناؤه عشرين عاما.
كانت الامبراطورة كما قلنا معروفة بحبها للفن وحرصها على اقتناء التحف الفنية، لكن ليست أي تحف وإنما لوحات وقطع عالية الذوق وذات خطوط فنية خلابة، وكذلك أجود ما ابدعت المدارس الفنية والفنانين، ساعدها في ذلك علاقتها القريبة لكل من (فولتير) و (ديدرو) والبارون (غريم) وهم من الشخصيات التي كانت مقربة ومحبه لها، وكذلك من الشخصيات المعروفين بذوقهم الفني العالي
كيف تحول الارميتاج من قصر امبراطوري إلى متحف عام؟
في عام 1785 وصل عدد اللوحات إلى 2685 لوحة، هذا بجانب الصور المحفورة والتماثيل المنحوتة والجواهر الثمينة والمخطوطات والكتب النادرة (حيث تضم مكتبته التي تأسست منذ 200عام حوالي النصف مليون مجلد وكتب قديمة عن تاريخ الفن والثقافة).
ERMITAGE كلمة فرنسية تعني (المكان الذي ينفرد فيه الإنسان بنفسه) لذا لم يتمتع بالنفائس التي بالقصر سوى الامبراطورة والمقربون منها فقط، وكانت حكراً وملكا لقياصرة روسيا إلا أن تحولت إلى ملكية الدولة، وفي أواسط القرن التاسع عشر اقتصر زواره على الطبقة المثقفة فقط، وفناني هذا القرن ليتزودوا ويتعلموا من روائعه.
في عهد الثورة البلشفية عام 1917 سقطت الامبراطورية الروسية، وتحول القصر الشتوي والمباني الأربعة الضخمة الملحقة به إلى متحف كبير أصبح هو المتحف العالمي الأرميتاج
في العهد (السوفيتي) البائد، حظي الارميتاج بعهدة المتاحف التي كانت موجودة حوله في (بطرسبرج)، فتضاعف مخزونه الفني بكثير.
وحاليا يوجد به أكثر من 2.7 مليون تحفة فنية ما بين لوحات وتماثيل وقطع أثرية وميداليات ومسكوكات، وجواهر وحلي ثمينة، وكتب ومجلدات..
كما يضم أكثر من (1000) قاعة لكثرة مقتنياته والهدايا التي تهدى إليه.
جولة في أنحاء الارميتاج:
الطبيعة الجميلة أحاطت بالمتحف لتحوله إلى قطعة من الجنة، فالبوابة الرئيسية مواجهة لنهر (النيفا) الذي يخترق بطرسبرج لتحولها إلى لوحة فنية يحظى بها الزائر قبل أن يرى الجمال الفني داخله، السلم الرئيسي الذى يعتبر هو الآخر تحفة فنية توصلك إلى باقي أنحاء المتحف فتجد نفسك داخل كل الأزمان في نفس الوقت.
القسم اليوناني والروماني:
- أهم مقتنياته (تمثال جوبيز) حامي الدولة الرومانية بحمه الهائل، والذى يعود إلى القرن الأول الميلادي.
- (تمثال أثينا) تتمثل أثينا بهيئة امرأة حسناء ومحاربة ترتدي الخوذة
قسم الفن الأوروبي:
الذي يعتبر الركيزة الأساسية للمتحف، وهو محط أنظار زواره وأكثر الأقسام رواجاً وأغناها من حيث المعروضات:
الفن الإيطالي
يضم المجموعة النادرة الأصلية لأعمال (ليوناردو دافنشي) مثل: (العذراء والزهرة) وسميت بهذا الاسم لأن العذراء تداعب طفلها بزهرة لا تكاد ترى،وهي تجسيد للحب الأمومي بروعته وعظمته، و(عذراء ليتا).
مجموعة (رافائيل سانزيو) مثل: (عذراء كونيستابيليه)، (العائلة المقدسة).
مجموعة (مايكل أنجلو) مثل: تمثالي: (الصبي المتلوي ألما)- (العبد المغلول) وهما يمثلان الإنسان الذي يتصدى لقوى الشر ويكافحها ولكنه يتعذب مع اقراره بأنه الأضعف لكنه لا يستسلم.
مجموعة (تيتسيان) مثل لوحات: (دانايا) – (القديس سيباستيان)- (توبه مريم المجدلية).
مجموعة (فرانسيسكو ملزي) منها: بورتريه (المرأة الشابة)
المجموعة الأسبانية
أهمها لوحات الفنان (مويليو) مثل: (الرسولان بطرس وبولس) – (الصبي والكلب) – (صعود العذراء).
The Apostles Peter and Paul
لوحات الفنان (فرانسيسكو جويا) مثل: لوحة (بورتريه انطونيا ساراتي)
( بابلو بيكاسو) من روائعه لوحة ( قيثارة وكمان)
أعمال رامبرانت الأصلية
تصل إلى حوالي خمس وعشرين لوحة بجانب الأعمال المحفورة منها: (عجوز يرتدي الأحمر)- بورتريه العالم) – (المحارب العجوز) – (عودة الابن الضال، والتي تعد أشهر لوحاته الإنسانية).
الفن الفرنسي
يزخر الارميتاج بروائع ونفائس من الفن الفرنسي، والذي يعتبر في الترتيب الثاني بعد المتاحف الفرنسية بكنوزه الفرنسية، منها:
لوحات (شاردين) مثل (الصلاة قبل الغذاء).
الفنان (ديلا كروا) له لوحة (المراكشي والجواد)
الفنان (هنري ماتيس) تعرض له لوحة (صورة العائلة)
تمثال من المرمر (لفولتير)
Voltaire 1781
كذلك أعمال كل من كلود مونيه ورينوار وبوسين وغيرهم من فناني فرنسا
Claude Monte
الفن الإنجليزي
كرس له خمس صالات، فالفن الانجليزي لا نراه إلا في المتاحف الانجليزية فقط، لهذا كان من النادر أن نراه هنا. تضم صالاته أعمال الفنانين (رينولدز) (لورنس) وغيرهم.
صالة الفرسان
تضم مجموعة نادرة من الأسلحة التي كانت تستخدم في كل من (فرنسا- أسبانيا- ألمانيا- إيطاليا).
العصور القديمة والفن الشرقي
أسس هذا القسم سنة 1931 ويضم حوالي 400 ألف قطعة، فقسم العصور القديمة يحتوي على زخائر من الثقافة البدائية التي ضمتها أراضي روسيا في العصور القديمة.
بينما يحوي قسم الفن الشرقي 150 ألف قطعة من شعوب الشرق مثل (مصر- الصين- اليابان- أسيا الوسطى)، فمن مصر يوجد * نموذج نادر لـ (حكاية عن السفينة المنكوبة) وبورتريهات الفيوم. * (المرجل البرونزي العملاق) وهو حوض كبير من الطراز الفارسي قطره 5,2 مترا أهداه الملك المغولي تيمورلنك بعد إسلامه لأحد المساجد. * (تربيعات مسجد بيبي هانم) إحدى زوجات تيمورلنك وكان من أضخم المساجد في العالم.
كما توجد في القسم الإسلامي نسخ نادرة وقديمة من القرآن الكريم
الحب
